خطة بايدن لسحب القوات من العراق هي فخ للرئيس الأمريكي القادم
ضمن سلسلة ترجمات،تنشر المجموعة المستقلة للأبحاث ترجمة مقال مهم نُشر على الواشنطن بوست يوم 21 آب الجاري تحت عنوان”خطة بايدن لسحب القوات من العراق هي فخ للرئيس الأمريكي القادم” للكاتب جوش روجن Josh Rogin .
جوش روجن Josh Rogin ,الواشنطن بوست August 21, 2024.
ترجمة:المجموعة المستقلة للأبحاث
في عام 2021، أعلن الرئيس جو بايدن نهاية المهمة القتالية في العراق، لكنه ترك 2500 جندي أمريكي هناك و 900 جندي في سوريا لقيادة التحالف الدولي الذي يحارب تنظيم الدولة الإسلامية. الآن، و مع بقاء خمسة أشهر في فترة ولايته، تعمل إدارة بايدن مع حكومة العراق على خطة لإعلان نهاية تلك المهمة أيضاً و الإعلان عن جدول زمني لإعادة هؤلاء الجنود إلى وطنهم. قد يسمح هذا لبايدن بالقول أنه أنهى “حرباً أبدية” أخرى، كما تفاخر بعد سحب القوات الأمريكية في أفغانستان.
لكن هناك مشكلة: فعلى الرغم من رغبة بايدن في إعلان أن “المهمة أنجزت”، إلا انها لم تنتهي،ولا توجد خطة متابعة لما سيحصل بعد ذلك. فعلى الرغم من النوايا الحسنة، لكن موافقة بايدن رسمياً على إنهاء مهمة مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، قد يهيئ الساحة لأزمة متفاقمة في الشرق الأوسط ستترك على عاتق من يخلفه.
طوال أشهر، كان المسؤولون العسكريون الأميركان و العراقيين واضحين وعلنيين بشأن حقيقة أنهم يتفاوضون على إتفاقٍ ما. ومن المتوقع ان ينهي هذا الإتفاق رسمياً عملية “العزم الصلب” و هو التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة و الذي انشئ لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014، و من المتوقع أيضاً أن يدعو إلى سحب جميع القوات الأمريكية ذات الصلة في العراق خلال فترة عامين، وفقاً لما قاله لي العديد من المسؤولين.
لكن إعلان الصفقة الذي كان من المقرر أن يتم هذا الشهر، تأجل الان بسبب “التطورات الأخيرة”، حسبما قالت وزارة الخارجية العراقية الأسبوع الماضي. تشمل تلك التطورات الهجمات التي شنتها المليشيات المدعومة من إيران على القوات الأمريكية في العراق، بالإضافة إلى تصاعد التوترات مع إيران بعد مقتل زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران الشهر الماضي.
أن إعلان سحب القوات الأمريكية حتى مع جدول زمني يمتد لعامين، سيوجه إشارة واضحة عن تخلي الأمريكان عن المنطقة في الوقت الذي يتطلع فيه الحلفاء إلى واشنطن لزيادة الردع ضد إيران. و الأسوء من ذلك، أن الاتفاق سيضعف قدرة الدول ال 77 المشاركة في التحالف على التنسيق ضد تنظيم الدولة الإسلامية في الوقت الذي يعاود فيه التنظيم الظهور.
تسعى القوات الأمريكية جاهدتاً للسيطرة على عودة الجماعة الإرهابية في المنطقة. و قد أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن 153 هجوماً في العراق و سوريا هذا العام فقط، وفقاً لما ذكرته صحيفة وول ستريت. دولياً، أعلنت فصائل تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن هجمات إرهابية هذا العام في إيران و روسيا و عن هجوم مخطط له في حفل المغنية تايلور سويفت في فيينا.
تعتمد القوات الكردية التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا على الدعم الجوي الأمريكي و قوات العمليات الخاصة فيه. و تعتمد القوات الأمريكية في سوريا على القوات الأمريكية في العراق للحصول على المعلومات و التموين. إن مغادرة تلك القوات ستخلق فراغاً يمكن ان يملأه تنظيم الدولة الإسلامية ووكلاء إيران بسهولة.
أن إحتواء إيران ليس جزءاً من مهمة “العزم الصلب”، لكن القوات الأمريكية في سوريا و العراق تعتبر أساسية لتحقيق هذا الهدف. وعلى الرغم من ان القيادة العراقية برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تدعو علناً إلى سحب القوات الأمريكية، لكن يخشى العديد من المسؤولين العراقيين في الخفاء ان هذه الخطوة ستؤدي إلى تسليم العراق للسيطرة الإيرانية.
أن الجدول الزمني الممتد لعامين بين إعلان نهاية مهمة مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية و إعادة القوات إلى الوطن، يهدف إلى منح الجانبين مجالاً كافياً لتعديل الخطة إذا تصاعدت التهديدات أو إذا لم تتمكن القوات الأمنية العراقية من تولي مسؤوليات مكافحة الإرهاب في الوقت المحدد. لكن هذا الغموض أدى الى حدوث لبس واسع.
على سبيل المثال، قال متحدث بإسم وزارة الخارجية العراقية الأسبوع الماضي أن الولايات المتحدة لا تتفاوض على سحب القوات الأمريكيه من العراق بل على الإنتقال إلى ترتيبات أمنية ثنائية. و قال المسؤولون لي ان الإتفاق الأمني الثنائي الذي قد يتم التوصل اليه بين الولايات المتحدة و العراق يمكن أن يؤدي إلى بقاء معظم القوات الامريكيه في النهاية لمواصلة القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية. يمكن ان يساهم ذلك من الناحية النظرية في التخفيف من خطر تفكيك التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن ذلك الإتفاق اللاحق سيتعين التفاوض عليه من قبل الرئيس الأمريكي المقبل. و إذا فشلت تلك المفاوضات سيتعين على القوات الأمريكية الإنسحاب بالكامل. و هذا ما حدث في عام 2008 بعد ان وقع جورج بوش اتفاقاً لسحب جميع القوات الأمريكية من العراق ثم حاول باراك أوباما بالتفاوض على اتفاق لاحق لإبقاء بعض منها هناك. بعد ثلاث سنوات، أرسل أوباما الاف الجنود الأمريكيين إلى العراق عندما استولى تنظيم الدولة الإسلامية على قطعة من الأراضي بحجم ولاية فيرجينيا.
في عام 2021 كان بايدن مضطراً لتنفيذ إتفاق انسحاب القوات من أفغانستان الذي وقعه دونالد ترامب. عندما تسارعت الأمور بشكل سيئ خلال الانسحاب، وجد بايدن انه كان من غير المجدي الإشارة الى ان الخطة لم تكن فكرته. الان، هو يجهز خلفه لمواجهة معضلة مماثلة: إما معارضة خطة بايدن للإنسحاب وعدم تنفيذها وهو ما سيترك خلفه يعاني سياسياً، أو المضي قدماً في تنفيذها و مواجهة خطر كارثة أمنية في المنطقة.
قال كينيث بولاك زميل كبير في معهد المشروع الأمريكي:” يعتبر بايدن هذا جزءاً من إرثه، سيكون قادراً على القول، أنا من أنهى هذه الحروب الأبدية. و كاميلا هاريس قد تعتقد أن هذا سيسمح لها بلوم جو بايدن لاحقاً”. سياسياً كل هذا منطقي بالنسبة لهم جميعاً ، لكن في الواقع من المحتمل أن يبدو هذا أسوأ مما يدركون.
لا أحد يريد رؤية القوات الأمريكية تبقى في العراق و سوريا الى الأبد، لكن اعلان ان المهمة قد انتهت لا يجعلها كذلك. إنهاء “الحروب الأبدية” أسهل قولاً من فعلاً. إذا تخلت الولايات المتحدة عن التزامها بأمن الشرق الأوسط الان، قد تضطر إلى تعلم هذا الدرس بطريقة صعبة مرة أخرى.