منقذ داغر
أظهرت أرقام أحدث استطلاع للرأي العام الاوكراني تمتع الرئيس الاوكراني بشعبية جارفة وتوحد الشعب الاوكراني في الدفاع عن استقلاله وخياراته. فقد أجرت مؤسسة كالوب الدولية وشركة ORB العالمية المتخصصة باستطلاعات الرأي العام أستطلاعاً هاتفياً لعينة وطنية شاملة من حوالي 1100 أوكراني موزعين نسبيا على كل شرائح ومناطق اوكرانيا خلال الفترة من 1-5 آذار الجاري. أعرب 92% من العينة عن رأي مفضل ومفضل جدا برئيسهم. وحتى بين الاثنية الاوكرانية الروسية بلغت نسبة التأييد له 75%. أكدت الارقام ظاهرة توحد الشعوب أثناء الحروب والازمات الخارجية،أذ بدا واضحا ان هناك اتفاق شبه تام على معظم المواضيع العامة للحرب.
ففي موضوع تقديم تنازلات لاجل وقف الحرب،رفض حوالي 80% من الاوكرانيين ان يعترفوا بشبه جزيرة القرم كأرض روسية مقابل وقف الحرب. كما رفض 70% منهم تقريبا قبول فكرة حظر أنضمام أوكرانيا للناتو مقابل وقف الحرب. بل وان 61% من الاوكرانيين يرفضون حتى مبدأ سحب الناتو لقواته من الدول المحاددة لروسيا. لذا سيكون قبول الرئيس الاوكراني لهذه الشروط في مفاوضاته مع روسيا صعب جدا،على الاقل في الوقت الراهن،حيث ابدى 98% من الاوكرانيين رفضهم لفكرة ان يكون اي جزء من أوكرانيا هو أرض روسية تاريخياً.
ومع وجود 40% من الاوكرانيين ممن يشعرون بعدم الامان و 43% ممن يشعرون بقلق على أمنهم فقد كان طبيعياً ان يقول 61% من الاوكرانيين انهم كانوا سيشعرون بالامان لو ان دولتهم لم تتخل عن سلاحها النووي. لذا أبدى 11% من الاوكرانيين رغبتهم في مغادرة البلاد غدا لو اتيحت لهم الفرصة لذلك.مع هذا فقد قال 7% انهم تطوعوا في الجيش للدفاع عن أوكرانيا وابدى 67% رغبتهم بالتطوع. ويبدو ان أغلبية الاوكرانيين(56%) يتوقعون ان تنتهي الحرب قبل نهاية هذا الشهر،مع ذلك فهناك 27% ممن يتوقعون ان تدوم أكثر من 6 أشهر.
أما الموضوع الوحيد الذي ظهر فيه الانقسام واضحا فهو مدى رضاهم عما فعلت الدول والمنظمات الدولية تجاه قضيتهم. ففي الوقت الذي ابدت غالبية مطلقة من الاوكرانيين(75%،65% على التوالي)عدم رضاهم عما فعلته كل من الصين والناتو تجاه الحرب ،فقد انقسموا في رأيهم تجاه مافعلته أمريكا حيث ابدى 44% رضاهم و49% عدم رضاهم.كما انقسموا في رأيهم تجاه الاتحاد الاوربي أذ ابدى 46% رضاهم و 45% عدم رضاهم. اما بريطانيا فقد حظي موقفها بتأييد واضح(53%) مقابل 35% عدم رضا.
يجب التنبيه اننا كمختصين في الرأي العام نؤكد دوماً ان الرأي العام حساس جدا للمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الكبرى لأنه يشبه لقطة فوتغرافية للحدث في لحظة معينة،ومكان معين. بالتالي فان هذه اللقطة يمكن ان تتغير ملامحها في اي وقت. لكن مايبدو للان ان الاوكرانيين(وكما هو متوقع) يبدون شبه متفقين في آراءهم .وفي الوقت الذي قد يعطي فيه هذا الاتفاق قوة للمفاوض الاوكراني كونه يعرف ما يريده وما لايريده شعبه،الا انه في ذات الوقت يُفقده المرونة التي قد تحتاجها مفاوضات الحرب والسلام بخاصة مع خصم عنيد مثل بوتين.